/ الفَائِدَةُ : (123) /

27/11/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / خارطة جملة عوالم الخلقة برسم وتخطيط أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ/ المستفاد من بيانات الوحي : أَنَّ خارطة مسار جملة عالم الدُّنيا برسم وتخطيط أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، بل وخرائط مسارات كافَّة العوالم وجميع مخلوقاتها ، كـ : عَالَم البرزخ ، وعَالَم الرَّجعة ، وعَالَم القيامة ، وعَالَم الآخرة الأَبديَّة ، وعوالم ما بعدها ، بل وعوالم ما قبل هذه النشأة الأَرضيَّة لم تكن إِلَّا بتخطيطهم صلوات اللَّـه عليهم وهندستهم وتنفيذهم . فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ـ المُتقدِّم ـ : « ... أَنا دحوتُ أَرضها، وأَنشأتُ جبالها ، وفجَّرتُ عيونها ، وشققتُ أَنهارها ، وغرستُ أَشجارها ، وأَطعمتُ ثمارها ، وأَنشأتُ سحابها ، وَأَسمعتُ رعدها ، ونوَّرتُ برقها ، وأَضحيتُ شمسها ، وأَطلعتُ قمرها ، وأَنزلتُ قطرها ، ونصبتُ نجومها ... وسكنتُ أَطوادها ، وأَنشأتُ جواري الفلك فيها ، وأَشرقتُ شمسها ... ادخلوا الباب سجّداً أغفر لكم خطاياكم وأزيد المحسنين ، بي وعلى يديّ تقوم السَّاعة...»(1). 2ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : « ... أَنَا مُنزل الملائكة منازلها ... أَنا المُنادي لهم : أَلستُ بربِّكم ؛ بأَمر قيُّوم لم يزل ... أَنا صاحب الهبات بعد الهبات ولو أَخبرتكم لكفرتم ... أَنا منشئ الأَنام ... أَنا صاحب النجوم ، أَنا مُدبِّرها بأَمر ربّي ... أَنا المُعطِي ، أَنا المُبذِل ، أَنا القابض يدي على القبض ... أَنا صاحب القطر والمطر ، أَنا صاحب الزلازل والخسوف ... أَنا صاحب الغيث بعد القنوط ... »(2). 3ـ بيان خطبته صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : « أَنَا عندي مفاتيح الغيب ... أَنا أَقمتُ السَّماوات بأَمر ربِّي ... أَنا أَمر الحي الَّذي لا يموت ، أَنا ولي الحقّ على سائر الخلق ... أَنا المفوَّض إِلَيَّ أَمر الخلائق ، أَنَا خليفة الإِلٰه الخالق ... أَنا أرسيتُ الجبال الشَّامخات ، وفجَّرتُ العيون الجاريات ... أَنَا مُقدِّر الأَقوات ، أَنا ناشر الأَموات ، أَنا منزل القطر ، أَنَا مُنَوِّر الشَّمس والقمر والنجوم ، أَنَا قيِّم القيامة ... أَنَا محصي الخلائق وإِنْ كثروا ...»(3). 4ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً ، الوارد في حقِّ أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : « ... هذا كُلّه لآل محمَّد لا يُشاركهم فيه مُشارك ... خلقهم اللّٰـه من نور عظمته ، وولَّاهم أَمر مملكته ...»(4). 5ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً ، عن سلمان (رضوان اللَّـه عليه) ، قال : « ... وإنَّ اللَّـه عزَّوجلَّ جعل أَمر الدُّنيا إِلَيّ ... قال سلمان : ... ثُمَّ إِنَّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمر الريح فسارت بنا إلى جبل قاف فانتهيت(5) إليه ، وإذا هو من زمرِّدة خضراء وعليها(6) ملك على صورة النسر ، فلَمَّا نظر إلى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قال الملك : السَّلَامُ عَلَيْكَ يا وصيّ رسول اللَّـه وخليفته ، أَتأذن لي في الكلام؟ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلام وقال له: إِنْ شئتَ تكلَّم ، وإِنْ شئتَ أَخبرتُكَ عمَّا تسألني عنه. فقال الملك: بل تقول أنت يا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ . قال: تُريد أَنْ آذن لَكَ أَنْ تزور الخضر عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، قال: نعم، فقال عَلَيْهِ السَّلاَمُ : قد أذنتُ لَكَ ... فقال سلمان : يا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ، رأيتُ الملك ما زار الخضر إِلَّا حين أَخذ إذنكَ. فقال عَلَيْهِ السَّلاَمُ : والَّذي رفع السماء بغير عمدٍ ، لو أَنَّ أَحدهم رام أَنْ يزول من مكانه بقدر نفسٍ واحدٍ لَـمَا زال حتَّىٰ آذن له ، وكذلك يصير حال ولدي الحسن ، وبعده الحسين وتسعة من ولد الحسين... والَّذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة إِنِّي لأَملك من ملكوت السَّماوات والأَرض ما لو علمتم ببعضه لما احتمله جنانكم ... »(7). 6ـ بيان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « إِنَّ اللَّـه لم يزل فرداً مُتَفَرِّداً في الوحدانيَّة ، ثُمَّ خلق محمَّداً وعليّاً وفاطمة عَلَيْهِم السَّلاَمُ ... وفوَّض أَمر الأَشياء إِليهم في الحُكم والتصرُّف والإِرشاد ، والأَمر والنهي في الخلق ؛ لأَنَّهم الولاة فلهم الأَمر والولاية والهداية ، فهم أَبوابه ونوَّابه وحجَّابه ، يُحلِّلون ما شآء ، ويُحرِّمون ما شآء ، ولا يفعلون إِلَّا ما شآء ، عباد مُكرمون ، لا يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون ... »(8). 7ـ بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن المفضَّل بن عمر ، قال : « ... فقلتُ له : يابن رسول اللَّـه ، فعَلِيّ بن أَبي طالب عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُدخل مُحبّه الجنَّة ومبغضه النَّار أَو رضوان ومالك ؟ فقال : يا مفضَّل ... فَعَلِيّ بن أَبي طالب عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِذاً قسيم الجنَّة والنَّار عن رسول اللَّـه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، ورضوان ومالك صادران عن أَمره بأمر اللَّـه (تبارك وتعالىٰ)، يا مفضَّل ، خُذ هذا ؛ فإِنَّه من مخزون العلم ومكنونه ، لا تخرجه إِلَّا إِلى أَهله »(9). 8ـ إِطلاق بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن إِسماعيل بن عبد العزيز ، قال : « قال لي جعفر بن مُحمَّد عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ رسول اللّٰـه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كان يُفوَّض إِليه ... وإنَّ اللّٰـه فوَّض إِلى مُحمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ نبيّه فقال : [ مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ] (10)، فقال رَجُلٌ : إِنَّما كان رسول اللّٰـه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مفوَّضاً إِليه في الزَّرع والضَّرع ، فلوّىٰ جعفر عَلَيْهِ السَّلاَمُ عن عنقه مُغضباً ، فقال : في كُلِّ شيءٍ ، واللّٰـه في كُلِّ شيءٍ »(11). 9ـ بيان زيارتهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم الجامعة : « ...السَّلام عليكم يا أَهل بيت النُّبوَّة ، وموضع الرسالة ... وقادة الأُمم ... وساسة العباد ... إِصطفاكم بعلمه ... وفوَّض إِليكم الأُمور ، وجعل لكم التَّدبير ، وعرَّفكم الأَسباب ... وأَعطاكم المقاليد ، وسخَّر لكم ما خلق ... إِياب الخلق إِليكم ، وحسابهم عليكم ، وفصل الخطاب عندكم ... وأَمره إِليكم ... لم تزالوا بعين اللَّـه وعنده ، وفي ملكوته تأمرون ، وله تخلفون ، وإِيَّاه تُسبِّحون ، وبعرشه محدقون ، وبه حافُّون حتَّىٰ مرَّ بكُم علينا ، فجعلكم في بيوتٍ أَذن اللَّـه أَنْ تُرفع ويُذكر فيها اسمه ... »(12). 10ـ بيان زيارة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... السَّلام عليك يا أَمير المؤمنين عَلِيّ ابن أَبي طالب ... السَّلام عليكَ يا ... صاحب الدُّنيا ... السَّلام عليكَ يا حافظ سرّ اللّٰـه ، وممضي حكم اللّٰـه ، ومجلي إِرادة اللّٰـه ، وموضع مشيَّة اللّٰـه ... وولي الملك الدَّيَّان ... السَّلام عليكَ يا عماد الجبَّار ... السَّلام عليكَ يا مشهوراً في السَّماوات العليا ، ومعروفاً في الأَرضين السَّابعة السفلىٰ ... السَّلام عليكَ أَيُّها النَّازل من عليِّين ، والعَالِم بما في أَسفل السَّافلين ... اجتباكَ اللّٰـه لقدرته ، فجعلكَ عصا عزِّه ، وتابوت حكمته ... »(13). ودلالة الجميع واضحة ، ولا غبار عليها. ومن ثَمَّ لا تكون بياناتهم المعرفيَّة وسِيَرُهم وأَفعالهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم استراتيجيَّة حضارة فحسب ، بل واستراتيجيَّة عوالم ومخلوقات لا يعيها(14) سائر البشر ، بل ولا سائر الأَنبياء والملائكة المُقرَّبين عَلَيْهِم السَّلاَمُ . ومن ثَمَّ فلسفة بياناتهم صلوات اللَّـه عليهم وسِيَرِهم وأَفعالهم ليست محدودة بأَمد زمانيّ دنيويّ ، بل ولا بعَالَم الدُّنيا برمَّته ؛ فإِنَّ ساحة القدس الإِلٰهيَّة وَظَّفَتْهُم لرسم خارطة مسار جملة العوالم وطُرّ المخلوقات. ومنه يتَّضح : مدىٰ وضوح جملة الخريطة التَّكوينيَّة واستراتيجيَّة العوالم ومخلوقاتها لدىٰ أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 39: 348. (2) مشارق أَنوار اليقين في أَسرار أَمير المؤمنين عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، الخطبة الإِفتخاريَّة: 165 ـ 166. (3) المصدر نفسه : 269 ـ 270. (4) بحار الأَنوار ، 25 : 169 ـ 174/ح38. (5) في المصدر : (فانتهينا). (6) في نسخة : (من زمرِّدة خضرة وعليه). (7) بحار الأَنوار، 27: 33 ـ 40/ح5. المحتضر: 71 ـ 76. (8) بحار الأَنوار ، 25: 339/ح21. (9) المصدر نفسه ، 39 : 194ـ 196/ح5. علل الشرائع : 65. (10) الحشر : 7. (11) بحار الأَنوار ، 17 : 9/ ح16. بصائر الدرجات : 111 ـ 112. (12) بحار الأَنوار، 99/ الزيارة الثالثة: 146 ـ 159. (13) بحار الأَنوار ، 97 : 347 ـ 352. المزار الكبير : 97 ـ 101. (14) مرجع الضمير : (بيانات أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ المعرفيَّة وسِيَرُهم وأَفعالهم)